1- من حيث محل الحماية وشروطها :-
المبدأ الأول: التفرقة بين الفكرة
والتعبير عنها :-
القضية الأولى:
(القضية المعروفة باسم فوازير المناسبات) حكم محكمة جنوب القاهرة الإبتدائية فى القضية رقم 4426/88
مدنى كلى جنوب المؤيد استئنافيا من محكمة استئناف القاهرة بجلسة 11 يناير سنة 1996
.
اتفق التليفزيون
المصرى مع المؤلف يوسف عبد الخالق عوف على تأليف مسلسل فكاهى نقدى لإذاعته فى شهر
رمضان 1408هـ ( إبريل / نيسان –
مايو / أيار )
عام 1988 بمعدل تمثيلية يومياً وطلب التليفزيون من المؤلف البدء فوراً فى التنفيذ
والتأليف بغير ترقب تحرير العقد . وإزاء عدم إبرام التليفزيون المصرى لعقد معه رغم
انتهائه من العمل وبث المسلسل بالفعل أقام دعواه مطالباً بالتعويض عن استغلال فكرة
الفوازير وقدر للفكرة عشرة آلاف جنية مصرى بخلاف مستحقاته الأخرى عن المسلسل .
قضت المحكمة
بدايةً بإحالة الدعوى إلى الخبير الذى انتهى إلى أحقية المدعى فى تقاضى ستة آلاف
جنية مصرى مقابل ابتكار الفكرة ، وأخذت محكمة أول درجة بهذا التقدير وقضت بإلزام
المدعى عليه بسداد المبلغ سالف البيان ، وأكدت المحكمة : " أن العبرة فى
الإنتاج الجديد بالفكرة نفسها فى تكوينها وطريقة عرضها، وأن الفكرة المجردة يصعب
حمايتها حيث أنها بطبيعتها تتوارثها الأجيال ومن العسير معرفة أول من أخرجها إلى
عالم الوجود وعبر عنها بأى وسيلة تحملها إلى علم الجمهور، ذلك أن العبرة بالشكل
الذى تظهر به الفكرة ، وهذا الشكل هو ما يميز شخصية كل مؤلف عن الآخر".
القضية الثانية:
(قضية المازنى) :-
حكم محكمة مصر
الابتدائية الأهلية –
الأمور المستعجلة
الصادر فى 13 يناير سنة 1943 .
فوجئ الأديب محمد
عبد القادر المازنى بإعلان آخر هو ( إبراهيم بك رمزى ) عن إنشائه شركة لصناعة
السينما كما أعلن أنه ألف رواية لها سماها "خفايا الدنيا" وأخرجت هذه
الرواية السينمائية "وأشد ما كانت دهشته ( أى المازنى ) عند مشاهدته الشريط
السينمائى" أن رأى موضوع الرواية وفكرتها وعقدتها هى موضوع قصة سبق أن ألفها
بعنوان "سر أم" ونشرت فى مجلة شهر زاد بالعدد 340 فى 17 مارس / آذار سنة
1936م بعد تحوير وإضافة تفاصيل استلزمها طول الفيلم، إلا أن هذا التحوير وتلك
التفاصيل لم تغير شيئاً، حيث أن الفكرة والحادث وما يسمى فى لغة الفن بعقدة
الرواية وطريقة حلها تتفق اتفاقاً تاماً فى كل من الرواية والقصة، وتتلخص الفكرة
والعقدة فى أن فتى وفتاة تحابا واتفقا على الزواج وما كاد هذا الزواج يتم حتى قامت
عقبة أمام هذا الزواج إذ ظهر أنهما أخوان فافترقا، ثم ظهر بعد ذلك أنهما لم يكونا
أخوين وانتهى الأمر بزواجهما ، وبما أن شريط سينمائى يعرض لحسابه الخاص فيحق إذن مطالبة
المدعى عليه بتعويض انتوى المدعى أن يطالب به فى دعوى موضوعية، وبما أن الأمر
يقتضى إثبات حالة موضوع الرواية السينمائية وفكرتها وعقدتها فلهذا رفع الدعوى
الحالية المستعجلة بطلب ندب خبير سينمائى لحضور الفيلم وتلخيص موضوعه ومقارنته
بالقصة التى ألفها المدعى وتقديم تقريره بذلك بما يتضمن تقدير التعويض عن أجرة
الفكرة والعقدة وعما فاته من الكسب الأدبى لعدم وضع اسمه فى الشريط السينمائى على
أنه المؤلف وواضع الفكرة .
وحيث أن المدعى
عليه دفع الدعوى بعدم قبوله لاستحالة المقارنة بين أفكار الناس ولعدم إمكان
المضاهاة بين عملين مختلفين أحدهما تأليف فى فيلم سينمائى يستمر عرضه ثلاث ساعات
وثانيهما تأليف لقصة قصيرة لا تتجاوز قراءتها بضع دقائق ، هذا فضلا عن أن الدعوى
قد قصد بها التشهير بشيخ شيوخ الأدب بعد أن قطع من زهرة عمره الأربعين عاما فى
عمله مؤلفا لروايات مسرحية واستساغ الجمهور من تأثيرها أثرا حسنا بعيد المدى ، ولم
ينل أحد منه ومن فنه بالانتقاد غير المشروع سوى المدعى ، وهو فتى نشأ حديثا فى
أحضان ما زعمه من تأليف فى مجلة لم يقرأها ولم يطلع عليها المدعى عليه حتى الآن .
قضت المحكمة بأن
الفكرة لا تحمى وكانت حيثيات الحكم كالآتى :-
" أن الفكرة فى عالم الآراء حرة وليس لأحد أن يستأثر
بملكيتها والموضوع الذى يبرز به المؤلف هذه الفكرة ويجلوها ويصقلها للقراء فهو ما
لا يمكن أن يكون محلا للملكية الأدبية".
وحيث أن الذى
يؤيد وجهة النظر السالف ذكرها أن أقصوصة المدعى بعد أن كتب عنها أنها من قلمه وبعد
أن نشرها فى مجلة شهرزاد وبعد أن ذيلها بإمضاء محمد عبد القادر المازنى قد ذكر فى
أخرها العبارة الآتية ( حاشية لا بد منها روى لى هذه القصة صديق ضخم الجسم يدعى فى
المدرسة على إلى آخر ما جاء من العبارات بالصحيفة 34 ) ووقع على الحاشية بإمضاء ،
محمد ، ثم علقت المجلة بانتقاد على قصة المدعى وسواء أكان كاتب الحاشية هو المدعى
نفسه أو شخص يدعى محمد فإن ذلك دليل واضح والمفهوم منه بداهة أن موضوع القصة ليس
من عمله تحقيقا للمبدأ السالف بيانه بأن الفكرة عند المؤلف ليست ملكا له خاصة .
"لا ينصـب
التأليـف علـى مجرد فكرة idée أو رأى أو موضوع مما يطرأ للجميع ولا على نظريات
أو مبادئ عامة لأنها ملك للناس والكافة " .
المبدأ الثانى معيار الحماية : الابتكار
القضية الثالثة:
قضية كتاب صحيح
الامام مسلم بشرح النووى :
نقض مدنى 7 يوليه
سنة 1964 مجموعة المكتب الفنى 1 سنة 25 ..... رقم 141ص 920.
قام ( أ ) بإعداد
وطبع كتاب صحيح الإمام مسلم بشرح النووى – وهو من أكبر كتب
السنة النبوية ويقع فى خمسة آلاف صفحة –
وأخرجه فى صورة
مبتكرة لم يسبقه إليها أحد وبذل فى ذلك جهداً كبيراً فوضع للكتاب تراجم للإمام
مسلم والإمام النووى ( شرح الكتاب ) استقى عناصرها من بطون أمهات كتب التراجم ،
كما قام بترتيب الكتاب ترتيباً خاصة وأحرف ممتازة استوردها من الخارج ، وبعد أن
قام بنشر هذا الكتاب علم بأن ( ب ) قام بتقليده بطريقة الزنكوغراف ووضع أكليشيهات
له وطبع عليها عدة طبعات متماثلة ، وقد بلغ التقليد إلى حد أن الطاعن نقل فى هذه
الطبعات خاتمة الكتاب وهى قصيدة لأحد كبار العلماء فى تقريظ الكتاب ومخرجه ( أ ) ،
وبالجملة فإن الكتاب الذى أخرجه ( ب ) جاء صورة مطابقة تماماً لكتابه فيما عدا ما
لجأ إليه ( ب ) من رفع أسم ( أ ) واسم مطبعته من على الكتاب ووضع اسمه هو واسم
مطبعته بدلاً منها .
قضت المحكمة
لصالح ( أ ) وأكدت أن ما قام به من مجهود ملحوظ فى شأن تحقيق كتاب صحيح مسلم بشرح
النووى من حيث ترتيبه ترتيباً خاصاً غير مسبوق إليه حيث قدمه بتراجم للإمام مسلم
والإمام النووى ( شارح الكتاب ) استقاها على ما هو ثابت فى عنوانها من كتاب تهذيب
الأسماء والمؤلفات وتذكره الحفاظ تم تصحيحه ومراجعته بمعرفة علماء مختصين ثم وضع
فهرساً منظماً له وطبعه بأحرف ممتازة ولم يثبت للمحكمة وجود عهد ل ( ب ) من قبل فى
مثل هذه الكتب الدينية .
وأكـدت المحكمة
أن " كل أولئك يعتبر من قبيل الابتكار والمجهود الشخصى الذى بذله ( أ ) ليخرج
للناس كتاباً تسهل قراءته ويرتاح إليه النظر فإذا عدا معتد على هذا الكتاب بوضعه
المشار إليه وصور صفحاته بالزنكوغراف وطبع عليه مصنفاً نسبة إلى نفسه فإن هذا
الفعل يندرج ولا شك تحت الصور التى تستأهل تدخل القانون لحماية واضع عليه مصنفاً
نسبه إلى نفسه فإن هذا الفعل يندرج ولا شك تحت الصور التى تستأهل تدخل القانون
لحماية واضع المصنف فى صورته المعتدى عليها إذ أن المصنفات الأصلية تشمل كافة صور
إعادة إظهار المصنفات الموجودة فى شكل جديد ذلك أنه وأن كان الأصل أن مجموعات
المصنفات القديمة التى آلت إلى الملك العام بانقضاء مدة حمايتها إذا تميزت هذه
الطبعة عن الطبعة الأصلية المنقولة عنها بسبب يرجع إلى الابتكار أو الترتيب فى
التنسيق أو بأى مجهود آخر ذهنى يتسم بالطابع الشخصى فن صاحب الطبعة الجديدة يكون
له عليها حق المؤلف ، ويتمتع بالحماية المقررة لهذا الحق ، إذ لاي لزم لإضفاء هذه
نوعه ومتميزاً بطابع شخصى خاص بما يضفى عليه وصف الابتكار " .
القضية الرابعة :
قضية الشيخ عبد
الباسط عبد الصمد :-
نقض مدنى 12 مارس
سنة 1984 مجموعة المكتب الفنى السنة 35 .... رقم 121 ص 640.
اتفقت شركة
للتسجيلات الصوتية ( أ ) مع القارئ الشيخ " عبد الباسط عبد الصمد " على
أن يسجل لها وحدها القرآن الكريم كاملاً بصوته وبالتجويد وأن يكون لها حق استغلال
هذا التسجيل وذلك فى كافة أنحاء العالم سواء تم على اسطوانات أو أشرطة صوتية أو
بأى طريقة أخرى للتسجيل وذلك مقابل 30% من صافى قيمة بيع التسجيلات يحصل عليها
القارئ الشيخ ، على أن يمتنع عن تسجيل القرآن الكريم بصوته على اسطوانات أو أشراطة
لحساب الغير بقصد الاستغلال التجارى.
فوجئت الشركة (أ)
بأن القارئ الشيخ سجل عدة سور من القرآن الكريم بصوته لحساب شركة أخرى (ب).
نقضت محكمة النقض
حكم محكمة الاستئناف وأسندت حكمها فى أحقية الطاعنة فى طعنها إلى أن .. "من
حق كل إنسان أن ينتفع انتفاعاً مشروعاً بما حباه الله به من ملكات وحواس وقدرات
تميزه عن غيره من سائر البشر ومنها صوته ، فيكون له حق استغلال هذا الصوت مالياً
كما يجوز له أن ينزل إلى الغير عن حقه المالى فى استغلال الصوت بما يشتمل عليه من
الحق فى النشر حتى ولو تعلق الأمر باستغلال الصوت فى تلاوة القرآن ، إذ أن محل
التعاقد فى هذه الحالة ليس هو القرآن الكريم فى حد ذاته أو مجرد تلاوته ، وإنما هو
صوت القارئ ومدى إقبال الجمهور على سماعه ، فإذا نزل الشخص عن حقه فى استغلال صوته
مادياً للغير امتنع عليه القيام بأى عمل أو تصرف من شأنه تعطيل استعمال الغير للحق
المتصرف فيه، أو من شأنه أن يتعارض مع حق المتصرف إليه فى استغلال هذا الصوت
بالطريقة المتفق عليها فى عقد التنازل".
وأضافت المحكمة
أن ".. مثل هذا العقد ليس من شأنه أن يمنع القارئ الشيخ من تلاوة القرآن
الكريم بصوته فى أى مكان أو زمان أو أن يقوم بتسجيل القرآن مجوداً كله أو بعضه
لغرض أخر غير الاستغلال التجارى وكل ما يترتب على الشرط المانع الوارد بالعقد هو
التزام القـارئ الشيخ بعدم تسجيل القرآن الكريم مجودا بقصد الاستغلال التجارى لغير
الشرعة الطاعنة .
القضية الخامسة:
قضية كتاب سيرة الظاهر بيبرس (محكمة استئناف مصر جلسة 3 فبراير سنة 1932).
الوقائع :
نشر ( أ ) كتابا
بعنوان سيرة الظاهر بيبرس ( Chronique Elzaher Bibars ) عام 1908 م لأول مرة فى مصر بمعرفته وفؤجئ بقيام
ثلاثة من الناشين ( ب ، ج ، د ) بنشره وبيعه فى صورة كتب وملازم منفصلة فى عامى
1925 م و1926 م وتمسك ( ب ، ج ، د ) بأنهم قد استقوا مادة الكتاب من مكتبة أحمد
باشا تيمور وأن ( أ ) لا يملك مخطوطتها الأصلية المحررة باللغة المغربية ، فضلاً
عن أن هذه الكتب ليست لها منفعة ، وهو ما رفضه ( أ ) بقوله إن الكتب حازت على
إقبال عامة الجمهور لدى نشرها عام 1908م لما تنطوى عليه من سيـر وطرائف وأن مصدرها
ثلاثة كتب لثلاثة من العلماء هم ( الدويدارى وكاتم السر والدينارى ) .
قضت المحكمة
بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بمسئولية المستأنف ضدهم عن نسخ الخمسين كتاباً
كلها ، وألزمت الناشرين بأن يسددوا إلى ورثة المؤلف تعويضاً قدرته المحكمة وفقاً
لقواعد العدالة بأربعمائة جنية بواقع النصف لناشرى الكتاب والنصف الآخر لناشر
الملازم . وقسمت المحكمة مبلغ التعويض على الورثة طبقاً للشريعة الإسلامية ، كما
ألزمت المستأنف ضدهم بعدم استخدام المصنف عن طريق إعادة الطبع أو طرحه للبيع تحت
غرامه تهديديه قدرها 30 قرشاً عن كل جزء من الخمسين جزءاً .
( انتظروا باقي القضايا في الحلقات القادمة )
تعليقات
إرسال تعليق