التخطي إلى المحتوى الرئيسي

قضايا وتطبيقات عملية مهمة في حق المؤلف - (4)


من حيث حقوق المؤلفين :-

أ الحقوق الأدبية:

المبدأ الأول :- للمؤلف وحده دون سواه تحديد زمان وطريقة نشر مصنفه لأول مرة :

(قضية مطعم المشربية) 

حكمت محكمة الجيزة الابتدائية فى 22 مايو سنة 1991 القضية رقم 8610 لسنة 1989 مدنى كلى الجيزة .

 الوقائع :

فوجئت جمعية المؤلفين والملحنين والناشرين " ساسيرو " بأحد المطاعم ويدعى المشربية يقوم باستعمال المصنفات الموسيقية والغنائية المصرية والأجنبية والداخلة فى نطاق حماية جمعيات المؤلفين والملحنين فى أنحاء العالم وذلك عن طريق أداء بعازفين وأخر مسجل بتسجيلات صوتية . وإزاء فشل محاولات الجمعية فى الحصول على حقوقها رضاء رفعت دعواها إلى القضاء مطالبة بها.

 انحصر دفاع المدعى عليه فى عدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة حيث أن المختصم ليس هو المدير المسئول .

 ردت " ساسيرو " على ذلك بأن طلبت أجلاً أدخلت فيه المدير المسئول الذى حدده المطعم فى دفاعه ، وتمسكت بانتهاك إدارة المطعم لحق المؤلف فى تقرير نشر مصنفه حيث يملك وحده تحديد توقيت النشر وطريقته ومكانه .

 الحكم :

قضت المحكمة بعد أن أكدت أنعقاد الخصومة صحيحة بإدخال المدير المسئول بأحقية المؤلف وحده فى تقرير نشر مصنفه وبررت ذلك بأنه " ما نصت عليه تلك المادة هو من أهم مشتملات الحق الأدبى للمؤلف ، فالمؤلف وحده دون سواه الذى يحدد ما إذا كان مصنعه قد تم وأصبح قابلاً للنشر ، وهو الذى يختار الوقت الذى ينشره فيه ويعين طريقة النشر فالمصنف هو نتاج فكره ولصيق لشخصه وقد لا يرضى عنه فيؤثر ألا ينشره ومن ثم لا يجوز لأحد أن يجبره على نشره ، وإذا رضى عن عمله وقرر نشره فقد يختاران بنشره فى وقت معين يكون فى نظره هو أنسب الأوقات لنشره فى معرض أو بيعه إلى شخص معين أو يهديه إياه ، وهكذا يكون للمؤلف الحرية التامة فى اختيار وقت النشر ، وله كذلك أن يعين طريقة النشر وقد يختار أن يهدى مصنفه لصفوة مختارة من الناس دون أن يعرضه على الجمهور للبيع " .

 

المبدأ الثانى:-  وجوب ذكر أسم المؤلف قرين مصنفه كلما ذكر هذا المصنف ولو لم يوجد اتفاق على ذلك .

(قضية مسرحية شاهد ما شفش حاجة) 

نقض مدنى 7 يناير سنة 1987 مجموعة المكتب الفنى السنة 38 الطعن رقم 21 ص 78 .

 الوقائع :

تعاقد مؤلفان مع فرقة مسرحية على استغلال قصتهما " شاهد ما شفش حاجة " ( سهرة إذاعية أعدت بداية بعنوان حدوتة الأرنب سفروت ) وهى مسرحية تصور محنة مقدم برامج أطفال يتهم فى جريمة قتل ثم تتبين براءته  وذلك نظير مقابل مالى ، وارتضيا بتواضع هذا المقابل طمعا فى الشهرة بذكر اسميهما إلى جوار اسم بطل الفرقة المسرحية ( عادل أمام ) ولدى طرح المصنف للتداول فوجئا بأن اسميهما غير واردين فى وسائل الدعاية بالمخالفة لقانون حماية حق المؤلف ، فأقاما دعواهما امام محكمة جنوب القاهرة الأبتدائية بطلب الحكم لهما بمبلغ ستين الف جنية مصرى على سبيل التعويض عما لحقهما من أضرار أدبية ومالية من جراء قيام فرقة مسرحية بعرض مسرحيتهما " حدودة الأرنب سفروت " والتى تحولت فيما بعد إلى " شاهد ما شفش حاجة " حيث أغفلت هذه الفرقة أسميهما في مواد الدعاية من إعلانات ، وأشارا إلى أنهما لم يحصلا إلا على ثلاثمائة جنية مصرى فقط لا غير نظير منح الفرقة الحق فى العرض المسرحى ، وروعى فى تقدير هذا المبلغ الزهيد أنه باكورة إنتاجهما الذى سيعمم اسميهما فى ذهن الجمهور كمؤلفين مسرحيين وهو ما لم يتحقق نتيجة مسلك إدارة الفرقة المسرحية .

 الحكم :

لبت محكمة أول درجة طلب المدعين من حيث المبدأ وحكمت لهما بتعويض قدرة عشرة آلاف جنية مصرى عما لحقهما من أضرار ادبية ومالية , وهو حكم لم يلق قبولا من طرفى الدعوى وفى الأستئناف كان للمحكمة رأى أخر فرفضت الدعوى كليا مرتضية دفاع الفرقة المسرحية بأن المؤلفين لم يشترطا على الفرقة كتابة اسميهما على مواد الدعاية والإعلانات ، ولم تعتد بمطالبة المؤلفين المتكررة للفرقة بتدارك هذا الأمر وهو ما ثبت بمحضر حرر بقسم شرطة " عابدين " إثباتا للحالة .

 ولدى طرح الدعوة على محكمة النقض , رأت أن حكم الأستئناف أخطأ فى تطبيق القانون فيما أنتهى إليه من نتيجة خاطئة مفادها " أن القانون ذهب الى ان المحظور هو نسبة المصنف إلى غير من قام بوضعه ، أما عدم ذكر إسم المؤلف قرين عنوان المصنف فلا يعد بذاته خطأً مؤديا إلى المسئولية  إلا إذا دلت الظروف الملابسة على الرغبة فى إغفال إسم صاحب المصنف أو التقليل من شأنه " .

 وأكدت محكمة النقض أن " هذا النص لا يدل على ذلك وإنما يوجب ذكر اسم المؤلف قرين المصنف الذى وضعه كلما ذكر هذا المصنف بغير حاجة إلى وجود اتفاق على ذلك " .

 وبنقـض الحكم طرح من جديد على محكمة استئناف القاهرة التى قضت استناداً إلى ما انتهت إليه محكمة النقض من فهم صحيح للحق فى الأبوة إلى إلزام الفرقة المسرحية بسداد ثلاثين ألف جنية مصرى إلى المؤلفين مناصفة بينهما لتعويضهما عما لحقهما من أضرار أدبية ومالية تمثلت أساساً فى رفض وضع اسميهما فى مواد الدعاية والإعلانات .

 

المبدأ الثالث :- للمؤلف وحده الحق فى إدخال ما يرى من تعديل أو تحوير على مصنفه ولا يجوز لغيره إجراء ذلك إلا بإذن كتابى منه أو ممن يخلفه .

(قضية مصنفات سيد درويش) 

نقص مدنى 16 يناير سنة 1979 مجموعة المكتب الفنى السنة 30 الطعن رقم 53 ص 224 .

 الوقائع :

اتفق ورثة الفنان سيد درويش مع الإذاعة المصرية على إنتاج وبث ثلاثة من مصنفات مورثهم وهى (العشرة الطيبة ، وشهر زاد ، والباروكة)، وفوجئ الورثة بأن الإذاعة قد عدلت فى المصنفين الأول والثانى ونكلت عن إنتاج المصنف الثالث ، فرفع الحارس القضائى على تركة الفنان سيد درويش دعواه للتعويض عما لحق بالورثة من أضرار من جراء العبث بمسرحيتى العشرة الطيبة وشهر زاد أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد الممثل القانونى للإذاعة والتليفزيون وطلب فيها الحكم بإلزامه بأن يدفع مبلغ 6500 ( ستة آلف وخمسمائة جنيه مصـرى ) للتعـويـض عن هذا العبث وفسخ العقد المبرم بينهما بالنسبة فيما يتعلق بمسرحية " الباروكة " التى لم يبدأ استغلالها بعد ، وأضاف شارحا دعواه أنه كان قد تعاقد مع الإذاعة على أن تنتج وتبث خلال ثلاثة أشهر من تاريخ التعاقد ثلاث مسرحيات غنائية من تأليف والده وهى العشرة الطيبة وشهر زاد والباروكة مقابل 550 جنيهاً مصرياً عن كل مسرحية ، ونفاذاً لما ألتزم به قدم المدعى إلى الإذاعة كل النصوص والنوت الموسيقية الخاصة بتلك المسرحيات مدونة تدويناً صالحاً ، وكان أن عبثت الإذاعة بمسرحيتى العشرة الطيبة وشهر زاد فأحدثت بهما تغييرات بالحذف والإضافة مما أساء إلى سمعة ملحنهما الفنية ، وفضلاً عن أنها لم تقم أساساً بإخراج مسرحية البروكة رغم انقضاء الأجل الاتفاقى المحدد لذلك .

 الحكم :

قضت محكمة أول درجة بتعويض قدره خمسة آلاف جنيه مصرى لورثة الفنان خالد الذكر لجبر ما لحق بمورثهم من أضرار أدبية ومالية ، ولكن الحكم لم يلق قبولاً من المحكوم عليه فاستأنفه ، وجاءت محكمة الاستئناف فعدلت الحكم المستأنف وجعلت التعويض ألفى جنيه مصرى فقط ، فطعن الحارس القضائى على تركه الفنان سيد درويش على هذا الحكم بالنقض .

ولـدى عرض الأمر على محكمة النقض أكدت أن القانون يعطى للمؤلف وحده الحق فى إدخال ما يرى من تعديل أو تحوير على مصنفه ولا يجيز لغيره أن يباشر شيئاً من ذلك إلا بإذن كتابى منه أو من يخلفه ، إلا أن سلطة المؤلف فى ذلك وخلفه من بعده مقيدة فى حالة تحويل المصنف من لون إلى أخر ، فليس لأيهما أن يعترض على ما يقتضيه التحويل من تحوير وتغيير فى المصنف الأصلى مما تستوجبه أصول الفن فى اللون الذى حول إليه المصنف ويفترض قبولهما مقدماً بهذا التحوير .

 وأضافت المحكمة " أن من حق ورثة الفنان التمسك بعدم أحقية هيئة الإذاعة فى تعديل المصنف أو تحويره على أساس أن التراث الفنى يجب تقديمه دون العبث به ، وأن تقديم العمل بصورة معينة مرجعه إلى مؤلفه وحده دون غيره حيث يصم ما تقدم حكم محكمة الاستئناف بالخطأ فى القانون باعتبار أن الحكم قد حجب نفسه بهذا النظر الخاطئ عن بحث دفاع المستأنف واستظهار مدى صحة القول بأن ما أجراه من تحوير كان من مقتضيات عملية تحويل المصنف إلى مصنف إذاعى " .

ونقضت المحكمة بذلك الحكم باعتباره معيباً بالقصور فى التسبيب واعادته لتنظره دائرة جديدة لدى محكمة الاستئناف مقيدة بهذا الرأى القانونى .

 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حكم محكمة النقض الخاص بحجية التوقيع الالكتروني في الاثبات

الطعن رقم ١٧٦٨٩ لسنة ٨٩ قضائية الدوائر التجارية - جلسة 2020/3/10 العنوان :  الرسائل الإلكترونية . ماهيتها. الموجز :  حجية الرسائل الإلكترونية في الإثبات . لا يجوز جحدها وطلب تقديم أصولها . يجوز فقط المبادرة إلى الادعاء بتزويرها . أساس ذلك؟ القاعدة : ولئن كانت الكتابة على الورق هي الأصل الغالب، إلا أن المحرر لم يكن في أي وقت مقصورًا على ما هو مكتوب على ورق وحده، وكل ما يتطلبه المشرع للإثبات هو ثبوت نسبة المحرر إلى صاحبه، فلا ارتباط قانونًا بين فكرة الكتابة والورق، ولذلك لا يُشترط أن تكون الكتابة على ورق بالمفهوم التقليدي ومذيلة بتوقيع بخط اليد، وهو ما يوجب قبول كل الدعامات الأخرى – ورقية كانت أو إلكترونية أو أيًا كانت مادة صنعها – في الإثبات. البريد الإلكتروني ( e - mail ) هو وسيلة لتبادل الرسائل الإلكترونية بين الأشخاص الذين يستخدمون الأجهزة الإلكترونية من أجهزة كمبيوتر أو هواتف محمولة أو غيرها، تتميز بوصول الرسائل إلى المرسل إليهم في وقت معاصر لإرسالها من مُرسِلها أو بعد برهة وجيزة، عن طريق شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) أيًا كانت وسيلة طباعة مستخرج منها في مكان تل

حكم محكمة استئناف القاهرة ـــــ الدائرة التجارية الأولى (السابعة سابقا) - الدعوى رقم 39 لسنة 130 قضائية، تحكيم .

محكمة استئناف القاهرة ـــــ الدائرة التجارية الأولى (السابعة سابقا) جلسة 3 يونيه 2020 ـــــــــــــــــــ الحكم في الدعوى رقم 39 لسنة 130 قضائية، تحكيم ـــــــــ دعوى بطلان حكم تحكيم ــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ ( 1 ) خلفية واقع النزاع التحكيمي وحكمه ـــــــــــــــــــــــــــــ ( أ ) ـــ النزاع التحكيمي ـــ • بحسب الوارد بحكم التحكيم المطعون فيه، فإنه بناء على قرار وزاري ليبي، أعقبه مباشرة أبرام عقد مؤرخ 8/6/2006، بموجبه عهدت الدولة الليبية إلى الشركة الكويتية محمد عبد المحسن الخرافي إقامة مشروع استثماري سياحي "مشترك" بناحية شاطئ منطقة تاجوراء، بشعبة طرابلس الليبية، وسمى العقد بأنه عقد إيجار قطعة أرض لغرض إقامة ذلك المشروع وذلك طبقا للقانون الليبي الخاص بتشجيع رؤوس الأموال الأجنبية،وذكر العقد على أن مساحة أرض المشروع تبلغ 24 هتكار (240000 متر مربع) مملوكة للدولة الليبية، وأن قيمته الاستثمارية تبلغ 130 مليون دولا أمريكي، على أن يتم تنفيذه خلال سبع سنوات ونصف سنة، أما مدة الانتفاع (امتياز شركة الخرافي) فتبلغ تسعون سنة تبدأ من تاريخ استلام الشركة لأرض المشروع، ونُص في ال

التفرقة بين المواطنين على أساس الدين يخالف الدستور - الدعوى رقم 248 لسنة 30 قضائية "دستورية"

قضت المحكمة الدستورية العليا برئاسة المستشار سعيد مرعى عمرو، بجلسة السبت الموافق 6/6/ 2020 - فى الدعوى رقم 248 لسنة 30 قضائية "دستورية"، بعدم دستورية ما تضمنه عجز نص المادة (276) من قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937، من قصر الدليل الذى يُقبل ويكون حجة على المتهم فى جريمة الزنا على حالة وجوده فى منزل مسلم. وكانت هذه المادة تنص على  أن " الأدلة التى تُقبل وتكون حجة على المتهم بالزنا هى القبض عليه حين تلبسه بالفعل أو اعترافه أو وجود مكاتيب أو أوراق أخرى مكتوبة منه أو وجوده فى منزل مسلم فى المحل المخصص للحريم". المبدأ: -  التفرقة بين المواطنين على أساس الدين يخالف الدستور : و استندت   المحكمة فى حكمها إلى أن النص المطعون عليه قد شرع حقًا إجرائيًّا لسلطة الاتهام، وللمحكمة الجنائية، فى تحرى أركان جريمة شريك الزوجة الزانية، وإقامة الدليل عليه وفقًا للقواعد العامة، متى وجُدِ فى منزل مسلم، بما مؤداه - بدلالة مفهوم المخالفة - أن يكون ارتكابه الإثم فى منزل غير المسلم غير منتج فى إقامة الدليل على ارتكب الجريمة عينها، إذ يشكل صدر هذه المادة حائلا إجرائيًّا يحول دون