التخطي إلى المحتوى الرئيسي

قضايا وتطبيقات عملية مهمة في حق المؤلف - (3)


المصنف المشتق

المصنفات المشتقة هي تلك المصنفات التي تستمد أصلها من مصنف سابق الوجود كالترجمات والتوزيعات الموسيقية وتجميعات المصنفات بما في ذلك قواعد البيانات سواء من الحاسب أو غيره ، ومجموعات التعبير الفلكلوري مادامت مبتكرة من حيث ترتيب أو اختيار محتوياتها .( المادة 138/6 من قانون حماية الملكية الفكرية المصري )

 ولقد ورد في ذلك نص الفقرة الثالثة من المادة الثانية من اتفاقية برن علي أنه : " تمتع الترجمات والتحويرات والتعديلات الموسيقية وما يجري علي المصنف الأدبي أو الفني من تحويلات بنفس الحماية التي تتمتع بها المصنفات الأصلية وذلك دون المساس بحقوق مؤلف المصنف الأصلي "

 وحتى يتمتع المصنف المشتق بوصف المصنف الذي يستأهل مؤلفه الحماية القانونية فإنه يجب أن يتسم بالابتكار شأنه في ذلك شأن أي مصنف آخر ، وهو ما يعني أن يتسم بالأصالة والتميز وأن يكون مؤلفه قد بذل في شأن إخراجه إلي الوجود جهداً متميزاً لإظهاره علي نحو يتميز به عن المصنف الأصلي .

 بالنظر إلي ما يثيره تميز المصنف المشتق عن المصنف الأصلي من خلاف وحدوث منازعات مستمرة نستظهر مما عرض في القضاء منها أن صاحب المصنف الأصلي يدعى علي صاحب المصنف المشتق بالاعتداء علي مصنفه الأصلي دون إدخال أي تعديل أو تحوير يجعل منه مصنفاً أصيلاً . كما نستظهر أيضاً من هذه المنازعات القضائية وفي شأن ما يسقط في الملك العام من مصنفات أدبية أو علمية توجه من يقتبس أو ينقل عن المصنفات المشتقة إلي نفي وصف الاشتقاق عنها لينهل منها بغير مساءلة ، إذ تنحسر عنها الحماية لإنعدام وصف الأصالة والابتكار عنها .

وفي هذا الشأن فقد تصدت محكمة النقض المصرية بصدد المنازعة حول إعادة طبع كتاب " صحيح الإمام مسلم بشرح النواوي " ، وهو كتاب أصبح متاحا لمن يشاء أن ينقل عنه لسقوطه في الملك العام ولقد انتهت محكمة النقض المصرية في هذا النزاع إلي التزام القضاء بهذا المعيار علي أن تحديد مدي الابتكار والتميز في المصنف المشتق يخضع لسلطة قاضي الموضوع .


ولقد جاء في قضاء المحكمة بهذا الصدد :

" إنه و إن كان الأصل أن مجموعات المصنفات القديمة التي آلت إلى الملك العام بانقضاء مدة حمايتها إذ أعيد طبعها و نشرها لا يكون لصاحب الطبعة الجديدة حق المؤلف عليها ، إلا أنه إذا تميزت هذه الطبعة عن الطبعة الأصلية المنقول عنها بسبب يرجع إلى الابتكار أو الترتيب في التنسيق أو بأي مجهود آخر ذهني يتسم بالطابع الشخصي فإن صاحب الطبعة الجديدة يكون له عليها حق المؤلف ، و يتمتع بالحماية المقررة لهذا الحق ، إذ لا يلزم لإضفاء هذه الحماية أن يكون المصنف من تأليف صاحبة و إنما يكفى أن يكون عمل واضعه حديثاً في نوعه و متميزا بطابع شخصي خاص بما يضفي عليه وصف الابتكار .. و هذه القواعد التي قررها الفقه و القضاء من قبل صدور القانون رقم 354 لسنة 1945 الخاص بحماية حق المؤلف قد قننها هذا القانون بما نص عليه في المادة الرابعة منه . فإذا كانت محكمة الموضوع قد سجلت - و في حدود سلطتها التقديرية - أن المطعون ضده مهد لكتابه بمقدمة بقلمه تتضمن تراجم للمؤلف الأصلي للكتاب و للشارح له استقى عناصرها من أمهات الكتب القديمة و لم يكن لها نظير في الطبعة الأصلية التي نقل عنها ، و أن كتاب المطعون ضده يتميز عن هذه الطبعة بترتيب خاص فريد في نوعه و بفهرس منظم و أنه أدخل على الطبعة الأصلية تنقيحات أجراها أحد العلماء المختصين ، فإن هذا الذي سجلته محكمة الموضوع تتوفر فيه عناصر الابتكار الذي يتسم بالطابع الشخصي لصاحبه ، و لا يكون على المحكمة بعد ذلك معقب فيما انتهت إليه من اعتبار المطعون ضده مستأهلا للحماية المقررة لحق المؤلف " .

طعن رقم 13 ,  س  29ق , جلسة  07 / 07 / 1964 ,  مكتب فني س 15


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حكم محكمة النقض الخاص بحجية التوقيع الالكتروني في الاثبات

الطعن رقم ١٧٦٨٩ لسنة ٨٩ قضائية الدوائر التجارية - جلسة 2020/3/10 العنوان :  الرسائل الإلكترونية . ماهيتها. الموجز :  حجية الرسائل الإلكترونية في الإثبات . لا يجوز جحدها وطلب تقديم أصولها . يجوز فقط المبادرة إلى الادعاء بتزويرها . أساس ذلك؟ القاعدة : ولئن كانت الكتابة على الورق هي الأصل الغالب، إلا أن المحرر لم يكن في أي وقت مقصورًا على ما هو مكتوب على ورق وحده، وكل ما يتطلبه المشرع للإثبات هو ثبوت نسبة المحرر إلى صاحبه، فلا ارتباط قانونًا بين فكرة الكتابة والورق، ولذلك لا يُشترط أن تكون الكتابة على ورق بالمفهوم التقليدي ومذيلة بتوقيع بخط اليد، وهو ما يوجب قبول كل الدعامات الأخرى – ورقية كانت أو إلكترونية أو أيًا كانت مادة صنعها – في الإثبات. البريد الإلكتروني ( e - mail ) هو وسيلة لتبادل الرسائل الإلكترونية بين الأشخاص الذين يستخدمون الأجهزة الإلكترونية من أجهزة كمبيوتر أو هواتف محمولة أو غيرها، تتميز بوصول الرسائل إلى المرسل إليهم في وقت معاصر لإرسالها من مُرسِلها أو بعد برهة وجيزة، عن طريق شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) أيًا كانت وسيلة طباعة مستخرج منها في مكان تل

حكم محكمة استئناف القاهرة ـــــ الدائرة التجارية الأولى (السابعة سابقا) - الدعوى رقم 39 لسنة 130 قضائية، تحكيم .

محكمة استئناف القاهرة ـــــ الدائرة التجارية الأولى (السابعة سابقا) جلسة 3 يونيه 2020 ـــــــــــــــــــ الحكم في الدعوى رقم 39 لسنة 130 قضائية، تحكيم ـــــــــ دعوى بطلان حكم تحكيم ــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ ( 1 ) خلفية واقع النزاع التحكيمي وحكمه ـــــــــــــــــــــــــــــ ( أ ) ـــ النزاع التحكيمي ـــ • بحسب الوارد بحكم التحكيم المطعون فيه، فإنه بناء على قرار وزاري ليبي، أعقبه مباشرة أبرام عقد مؤرخ 8/6/2006، بموجبه عهدت الدولة الليبية إلى الشركة الكويتية محمد عبد المحسن الخرافي إقامة مشروع استثماري سياحي "مشترك" بناحية شاطئ منطقة تاجوراء، بشعبة طرابلس الليبية، وسمى العقد بأنه عقد إيجار قطعة أرض لغرض إقامة ذلك المشروع وذلك طبقا للقانون الليبي الخاص بتشجيع رؤوس الأموال الأجنبية،وذكر العقد على أن مساحة أرض المشروع تبلغ 24 هتكار (240000 متر مربع) مملوكة للدولة الليبية، وأن قيمته الاستثمارية تبلغ 130 مليون دولا أمريكي، على أن يتم تنفيذه خلال سبع سنوات ونصف سنة، أما مدة الانتفاع (امتياز شركة الخرافي) فتبلغ تسعون سنة تبدأ من تاريخ استلام الشركة لأرض المشروع، ونُص في ال

التفرقة بين المواطنين على أساس الدين يخالف الدستور - الدعوى رقم 248 لسنة 30 قضائية "دستورية"

قضت المحكمة الدستورية العليا برئاسة المستشار سعيد مرعى عمرو، بجلسة السبت الموافق 6/6/ 2020 - فى الدعوى رقم 248 لسنة 30 قضائية "دستورية"، بعدم دستورية ما تضمنه عجز نص المادة (276) من قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937، من قصر الدليل الذى يُقبل ويكون حجة على المتهم فى جريمة الزنا على حالة وجوده فى منزل مسلم. وكانت هذه المادة تنص على  أن " الأدلة التى تُقبل وتكون حجة على المتهم بالزنا هى القبض عليه حين تلبسه بالفعل أو اعترافه أو وجود مكاتيب أو أوراق أخرى مكتوبة منه أو وجوده فى منزل مسلم فى المحل المخصص للحريم". المبدأ: -  التفرقة بين المواطنين على أساس الدين يخالف الدستور : و استندت   المحكمة فى حكمها إلى أن النص المطعون عليه قد شرع حقًا إجرائيًّا لسلطة الاتهام، وللمحكمة الجنائية، فى تحرى أركان جريمة شريك الزوجة الزانية، وإقامة الدليل عليه وفقًا للقواعد العامة، متى وجُدِ فى منزل مسلم، بما مؤداه - بدلالة مفهوم المخالفة - أن يكون ارتكابه الإثم فى منزل غير المسلم غير منتج فى إقامة الدليل على ارتكب الجريمة عينها، إذ يشكل صدر هذه المادة حائلا إجرائيًّا يحول دون